خلقت توترات البحر الأحمر العديد من الأزمات، وكبدت التجارة العالمية فاتورة مرتفعة من التكاليف، بعد تغيير معظم شركات الملاحة مسار سفنها بعيدا عن البحر الأحمر قاطعة 3500 ميل بحرى إضافي حول القارة الأفريقية عبر طريق رأس الرجاء، ما أثر سلبًا على عملية “الرفت والتعيين” للأطقم البحرية.
أعلن الحوثيون باليمن منتصف مارس الجاري، نقل معركتهم البحرية إلى المحيط الهندى لمطاردة السفن الإسرائيلية ومنع مرورها إلى موانئ فلسطين المحتلة، فى سياق الدعم والمساندة للمقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة.
ووفقًا للاتحاد الدولى لعمال النقل ومنتدى التفاوض الدولي، فإن البحارة وقعوا بالفعل اتفاقيات للحصول على أجر مضاعف عند الإبحار فى المناطق عالية الخطورة لتشمل المنطقة الجنوبية من البحر الأحمر.
وأوضح الاتحاد الدوليأنه بموجب الاتفاق الجديد، يتعين على البحارة تقديم إخطار قبل سبعة أيام من دخول المنطقة ولهم الحق فى العودة إلى موقع آخر علىنفقة شركة الشحنبجانب تعويض يعادل الأجر الأساسى لمدة شهرين.
وتعنى عملية «الرفت والتعيين» تغيير الطاقم البحرى الخاص بالسفينة، والذى يتم تحديده وفقًا لجداول تضعها الخطوط الملاحية وتختار موانئ بعينها لتلك الإجراءات من تبديل وتغيير البحارة.
بداية، قال محمد مدحت، مدير”الرفت والتعيين بالوكالة الملاحية consult navigation، إن الوكالة تعمل مع كبرى شركات الشحن العالمية لمساعدة السفن على العمل بالموانئ المصرية وتوفير كافة التوريدات للسفن العابرة من قطع الغيار ومؤنوتغير الأطقم البحرية، مشيرًا إلى أن حجم العمل فى تغير الأطقم البحريةتراجع بنسبة %60بسبب نقص أعداد السفن العابرة من 80 سفينة يوميا إلى 8 سفن فقطبسبب تداعيات البحر الأحمر.
بدأت هجمات الحوثيين، النصف الأول من ديسمبر الماضي، واد ذلك تجنب السفن التجارية إلى حدٍّ كبير الممر إلى باب المندب، الذى يؤدى بها فى نهاية المطاف عبر قناة السويس، وفى الأسبوع قبل الماضي، أسفر هجوم صاروخى عن مقتل ثلاثة من أفراد طاقم إحدى السفن، بما يمثل أول حالة تسجيل وفيات مؤكدة منذ بدء الهجمات.
جرى تحويل ما يقرب من نصف جميع سفن الشحن والناقلات بعيدًا عن البحر الأحمر إلى طرق بديلة، ومنها رأس الرجاء الصالح فى أعقاب الهجمات على السفن التجارية فى مضيق باب المندب، حسبما ذكرت وكالة التصنيف العالمية فى تقرير لها.
من جهته، قال الربان عمرو قطايا، خبير النقل البحري،إن استمرار توترات البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023 خلق أزمات جديدة فى عمليات تغيير الأطقم البحرية بالسفن سواء المارة بمضيق باب المندب أو التى تبحر حول أفريقيا خلال طريق رأس الرجاء الصالح”.
وأوضح “قطايا” أن تلك التداعيات منحت البحارة حق رفض الإبحار بمضيق باب المندب ما شكل زيادة فى تكاليف الرحلة، والتى وصلت إلى مليون دولار، إذ قام ملاك السفن حاليا بزيادة رواتب الأطقم البحريةبنسبة %50 بناء على طلب نوادى الحماية والتعويض نظرا لزيادة مدة الإبحار لأكثر من عشرة أيام.
وقال إن عملية تغيير الأطقم البحرية حاليا تعدبالأمر الصعب، خاصة أن هناك خطوط ملاحيةعندما تبحر عبر طريقرأس الرجاء الصالح تقوم بالتوقف فى موانئ غرب أفريقيالاستكمال إجراءات الرفت والتعيين للأطقم البحرية، ما يكبدها تكاليف عاليةبسبب الانتظار فى تلك الموانئ.
وأشار إلى أن هناكخطوطًا ملاحية أخرى تلغى كل إجراءات الرفت والتعيين حتى تصل إلى الموانئ الأوروبية والتى تمثلتكاليف باهظةأخرى يتكبدها ملاك السفن من جهة،وضغوط على الأطقم البحرية من جهة أخرى، مضيفًا أنه عادة تقوم السفن بتغير الأطقم فى مدخلى القناة سواء السويس أو بورسعيد لأنها أرخص تكلفة.
وارتفعت أسعار شحن الحاويات، إذ صعد مؤشر الحاويات العالمي، الذى يقيس التغير فى أسعار الشحن عبر المسارات الرئيسية، بنسبة %151 منذ أوائل أكتوبر 2023 إلى الآن، وزادت الأسعار على الطرق بين آسيا وأوروبا بنسبة %284، وأكثر من الضعف على الممرات الرئيسية الأخرى بين الشرق والغرب.
وقال المهندس بحرى يوسف عبدالفتاح بإحدى الخطوط الملاحية –وأحد الاطقم البحرية التى عبرت باب المندب– إن نوادى الحماية والتعويض فرضت زيادة فى مرتبات الاطقم البحرية حال عبورها باب المندب على أساس الأجور.
وأوضح أن شركات التطقيم ومستأجرى المراكب تعيش حالات من الارتباك فى عمليات الرفت والتعيين بمنطقة البحر الأحمر، مدللا على ذلك من خلال تجربته إذ عمل بإحدى ناقلات البترول التى عبرتباب المندب، ومستأجر الناقلة قرر تغيير الاطقم بدولة جزر القمر وسرعان ما قرر أن يؤجل عملية الرفت والتعيين حتى الوصول إلى أحد الموانئ الأوروبية، ما يعنى انتظار ما يقرب من شهر لطول مدة الابحار ووسط ذلك الارتباك، قررت الشركة تغيير الأطقم فى مدخل الجنوبى لقناة السويس.
واستكمل “عبد الفتاح” أنه تم عبور باب المندب وسط إجراءات أمنية وحذر شديد ومخاوف كبيرة، إذ منع مالك السفينةوجود أى فرد على سطح السفينة وإجراءات تأمينية، مشيرا إلى أنه فيالدوران حول أفريقيا يزيد من ارتباك عمل الطاقم البحرى المزود فقط بكميات مؤن وغذاءلا تكفى طول الرحلة.
